يبدو أنّ التّين الشّوكي يحظى بمكانة جيّدة في دولة المكسيك . فهذه الثّمرة الشّائكة على شكل مضرب التّنس قد وجدت لنفسها “حياة” ثانية, بعد أن توصّلت المكسيك إلى إستنباط طريقة تجعلها تستخدم ثمار التّين الشّوكي من أجل إنتاج الطّاقة الكهربائيّة !

هذا المشروع الرّائد و الفريد من نوعه تمّ إطلاقه خلال شهر ماي 2017, في سوق واسعة متمركزة على مستوى منطقة “Milp Alta” جنوب المكسيك, و هي منطقة تختصّ بتجارة ثمار التّين الشّوكي, حيث تعتبر هذه الثّمار جزءا من ثقافة و تاريخ شعوب “الآزتيك” , و هي تصلح لإعداد الطّعام و الأدوية.

في تلك المنطقة النّائية, و الّتي تعتبر الرّئة الّتي تتنفّس بها العاصمة المكسيكيّة المتضرّرة من التّلوّث, تمتدّ مساحة تبلغ 2800 هكتار مخصّصة فقط لثمار التّين الشّوكي .

منذ أولى ساعات الفجر , ينكبّ الفلّاحون بقبّعاتهم العريضة المميّزة على العمل, وسط صفوف و طوابير ثمار التّين الشّوكي المزروعة على ضفاف البركان الخامد “Teuhtli” . مع العلم أنّ المكسيك هي أحد أكبر منتجي ثمار التّين الشّوكي في العالم, ب812 ألف طنّ في السّنة .

0b35dd5f2165ae2bb2b85ccec52675472ed43b0f

و غير بعيد عن ذلك الحقل الشّاسع, و في نفس الموقع تقريبا, توجد “إسطوانة” عملاقة فضّية, تحيط بها حاويات أو صناديق “ذكيّة” متّصلة بشبكة من الأنابيب , الّتي تستقبل باقي ثمار التّين الشّوكي : و هذه الثّمار يقع طحنها و مزجها مع عدد كبير من “البكتيريا” الّتي تساعدها على “التّخمّر” ثمّ التّحلّل , قبل أن يقع تحويلها إلى مادّة شبه سائلة , تحت درجة حرارة ذات 55 درجة مئويّة . 

هذه الطّريقة ضروريّة قبل أن يتمّ إستهلاك التّين الشّوكي , لأنّ هذا الأخير يجب أن ينزع عنه “اللّحاء” و “الأشواك” . و هذه الفواضل هي الّتي يتمّ “رسكلتها” من أجل إنتاج الكهرباء !

هذا و قال السّيد هوراسيو شافيرا , المسؤول عن التّطوير الرّيفي لمنطقة “Milp Alta” , بأنّ “تركيز “محوّل” (générateur) يتولّى تحويل فواضل ثمرة التّين الشّوكي إلى طاقة “نظيفة” هو مشروع في غاية الأهمّية ! “

كذلك أوضحت السّيدة نيللّي ميخيا, مديرة قسم التّجارب في شركة Suema , المتخصّصة في الطّاقة المستدامة و البيئة, و المكلّفة بهذا المشروع بأنّ ” هذا “المحوّل” العملاق سيكون قادرا على معالجة أيّ بقايا أو فواضل ذات أصل بيولوجيّ فريد في دولة المكسيك , و ذلك عبر بنائه و تركيزه مباشرة في الموضع الّذي توجد به تلك “البقايا” “.

من جهة أخرى, قال السّيد خيسوس زومايا, أحد المهندسين العاملين على هذا المشروع بأنّه ” ما إن يتمّ “طحن” بقايا ثمرة التّين الشّوكي, و تخميرها و تسخينها تحت حرارة ذات 55 درجة, فهذا يخرج مادّة تشبه “الوحل الرّاسب” , يمكننا إستعمالها ك”سماد عضويّ” أو ك”غاز صحّي” ينشأ عن عمليّة “التّخمّر” , و يمكّن من إنتاج الطّاقة الكهربائيّة .”

40b1e13940c38c4d8aaff67cf986be95a12709c1

و ما إن يبلغ هذا “المحوّل المكسيكي العملاق” أعلى مستويات نشاطه في شهر نوفمبر 2017, حسب تصريحات المسؤولين, فسيكون قادرا على معالجة كمّيات تتراوح بين 3 و 5 أطنان من بقايا ثمار التّين الشّوكي في اليوم الواحد , و ذلك بهدف إنتاج 1000 كغ من “السّماد العضوي” و 170 متر مكعّب من “الغاز الصّحّي” .

و من ثمّ سيتمّ التّحصّل على قوّة كهربائيّة بجهد 175 كيلو واط في السّاعة, قادرة على تشغيل 9600 مصباح كهربائيّ من فئة المصابيح ذات الإستهلاك المنخفض .

98eb27837caec0eac03dcb279719562c91018593

يذكر أنّ “الغاز الصّحّي” (biogaz) مازال محتشما من حيث الإنتاج و الإنتشار و الإستعمال في المكسيك, و الّتي هي بلد ذي نسق نموّ جيّد و فرضت الإحترام و الإنتباه بفضل طموحاتها العالية في مجال الطّاقات المتجدّدة أو البديلة .

دولة المكسيك الأمريكيّة إلتزمت بالتّخفيض في مستويات إنبعاثات الغازات الضّارة , بنسبة 25 % من هنا إلى عام 2030, و ب % مع مطلع عام 2050 .

سنة 2016 المنقضية, كانت المكسيك قد خصّصت 15 % من إستغلالها و إستهلاكها للطّاقة, للطّاقات المتجدّدة و النّظيفة, حسب الإحصائيّات الرّسميّة .

السّؤال نتوجّه به الآن إلى الحكومة التّونسيّة و الشّركات الخاصّة, حول إمكانيّة التّفكير في إنتهاج المنهج المبتكر الّذي إتّبعته المكسيك و إستغلال ثمار التّين الشّوكي في بلادنا , لإنتاج مقدار إضافيّ من الطّاقات المتجدّدة النّظيفة . و ذلك عبر إيجاد سبل شراكة و تعاون مع الطّرف المكسيكي على مستوى الخبرات و البحوث . لم لا ؟ 

8148617-12715671